عدد الرسائل : 857 العمر : 40 تاريخ التسجيل : 10/03/2007
موضوع: فتنة مقتل عثمان بن عفان الإثنين أبريل 23, 2007 4:06 am
عندما تموج الفتن، ويختلط الأمر، ويكثر الجدل، ويلتبس الحق بالباطل؛ فإن من توفيق الله - تعالى -للعبد أن يثبت على الجادة، ويلزم الصراط المستقيم، ويخرج من الدنيا وهو سليم القلب والجوارح..قد سلم قلبه من الشبهات فما أشربها، وسلم من الفتنة فما مال إليها، وسلم على إخوانه المسلمين فلم يحمل في قلبه غشاً ولا ضغينة بسبب دنيا منع منها وأعطيت لغيره، وسلم قلبه لله - تعالى -فامتلأ إيماناً ويقيناً، وولاءً لله - تعالى -ولدينه ولعباده المؤمنين. ومن كان كذلك سلامة قلب فإن جوارحه ستكون نظيفة سليمة، فلا تتلطخ يده بدماء محرمة، ولا يقع لسانه في أعراض إخوانه، ولن يكون شريكاً في تأجيج فتنة.. وإذا ما استزله الشيطان في حال ضعفٍ وغفلة هرع إلى الله - تعالى - فاستغفره وتاب إليه، واعتنى بصلاح قلبه من الشهوات والشبهات، وسلامة جوارحه مما حرم الله - تعالى . والفتن لا تبدأ عظيمة كبيرة، ولا تكون في أولها ملتبسةً محيرة، ولكنها تكبر شيئاً شيئاً؛ فمن سارع فيها ملكته ولم يملكها، وسيَّرته ولم يسيِّرها، وأوقعته فيما يسبب خسارته، ويوجب ندمه. حينها يتمنى المتشرب بالفتن عودة الزمن إلى بدايته؛ لكيلا يسير في ركابها، ولا يركب أمواجها؛ ولكن فات وقت التمني، وحقت آثار الفتنة ونتائجها.
باب الفتنة: الباب الموصدُّ دون الفتن في هذه الأمة كان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - كما جاء في حديث حذيفه - رضي الله عنه - وفيه: أن حذيفة قال لعمر - رضي الله عنهما - لما سأله عن الفتنة التي تموج موج البحر: "ليس عليك منها بأس يا أمير المؤمنين، إن بينك وبينها باباً مغلقاً، قال عمر: أيكسر الباب أم يفتح؟ قال: لا بل يكسر، قال عمر: إذاً لا يغلق أبداً"(1) فلما كسر الباب بقتله انطلقت الفتن في هذه الأمة، فلا تقف إلا بقتل الدجال، ثم هلاك يأجوج ماجوج في آخر الزمان.
مقتل عثمان أول فتنة: قال أعلم الصحابة بالفتن، وأمينُ سِرِّ النبي - صلى الله عليه وسلم -، حذيفه بن اليمان - رضي الله عنهما -: "أول الفتن قتل عثمان، وآخر الفتن خروج الدجال، والذي نفسي بيده لا يموت رجل وفي قلبه مثقال حبةٍ من حُبِّ قتل عثمان إلا تبع الدجال إن أدركه، وإن لم يدركه آمن به في قبره"(2). لقد كان الخروج على عثمان - رضي الله عنه - وقتله أعظم فتنةٍ ابتلي بها المسلمون في صدر هذه الأمة، ورغم أن عمر أفضل من عثمان وهو مقتول أيضاً؛ فإن قتل عثمان كان أشدَّ وطأةً على المسلمين، - رضي الله عنهما - وأرضاهما؛ فقاتل عمر - رضي الله عنه - فرد مجوسي كافر، أكله الحقد، وأعماه الحسد، وما ادعى بقتل عمر إصلاحاً.. أما قتلة عثمان فمسلمون داخلتهم الشبهات، وتشربتهم الفتن والأهواء، في جمع غفير من الرعاع والدهماء، زعموا بالخروج على الخليفة وقتله صلاح المسلمين، وهو الفساد عينه!!.
تأثر الصحابة بمقتل عثمان: لقد طاشت عقول المسلمين من قتل عثمان - رضي الله عنه -، وعظم ذلك في نفوسهم، وضاقت حيلتهم؛ من شدة الفتنة، وألم المصيبة، وهول الفاجعة؛ حتى إن علياً - رضي الله عنه - دخل على عثمان وهو مقتول فوقع عليه، وجعل يبكي، فظنوا أنه سيلحق به(3) من شدة ما ألَمَّ به! ورغم ما مرّ بأمير المؤمنين علي - رضي الله عنه - من مصائب وحروب وفتن فإنه ما نسي مقتل عثمان - رضي الله عنه -، وتذّكره وهو يقابل أعداءه في موقعة الجمل لقتالهم، قال قيس بن عباد: "سمعت علياً - رضي الله عنه - يوم الجمل يقول: اللهم إني أبرأ إليك من دم عثمان، ولقد طاش عقلي يوم قتل عثمان، وأنكرت نفسي، وجاءوني للبيعة، فقلت: والله إني لأستحيي من الله أن أبايع قوماً قتلوا رجلاً قال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ألا أستحيي ممن تستحيي منه الملائكة، وإني لأستحيي من الله أن أبايع وعثمان قتيل على الأرض لم يدفن بعد، فانصرفوا، فلما دفن رجع الناس فسألوني البيعة فقلت: اللهم إني مشفق مما أقدم عليه، ثم جاءت عزيمة فبايعت، فلقد قالوا: يا أمير المؤمنين، فكأنما صُدِع قلبي، وقلت: اللهم خذ مني لعثمان حتى ترضى"(4). كان أمهات المؤمنين رضي الله عنهن وقت مقتل عثمان - رضي الله عنه - في الطريق إلى المدينة عائدات من الحج، فلما بلغهن الخبر رجعن إلى مكة، وأقمن بها أربعة أشهر إلى أن خفَّ ألم المصيبة(5).
سبب الفجيعة بمقتل عثمان: ما كان الصحابة - رضي الله عنهم - ليُفجعوا بمقتل عثمان هذه الفجيعة العظيمة لولا علمهم أن لهذا الحدث ما وراءه، فما كان لأمةٍ أن تخرج على سلطانها، وتقتل خليفتها، ثم تأمن بعد ذلك! لقد أدرك الصحابة والتابعون رضي الله عن جميعهم حجم هذه الكارثة، وعلموا مقدار تلك الفتنة؛ فكانت فجيعتهم على قدر الحدث، ووصفهم لآثاره وقع كما ظنوا، وإليك طرفاً من أقوالهم يوضح حجم هذه الكارثة: 1- قال التابعي الجليل زيد بن صُوحان - رحمه الله تعالى -: "يوم قُتِلَ عثمانُ نفرت القلوب منافرها، والذي نفسي بيده لا تتألف إلى يوم القيامة"(6). 2- سمع عبد الله بن سلام - رضي الله عنه - رجلاً يقول لآخر: "قتل عثمان ابن عفان فلم ينتطح فيه عنزان، فقال ابن سلام - رضي الله عنه -: أجل! إن البقر والمعز لا تنتطح في قتل الخليفة، ولكن ينتطح فيه الرجال بالسلاح، والله لتُقْتَلَنَّ به أقوام إنهم لفي أصلاب آبائهم ما ولدوا بعد"(7). ووقع الأمر كذلك، نسأل الله العافية. 3- كان حذيفة - رضي الله عنه - إذ ذاك مريضاً مرضه الذي توفي فيه، ولم يعلم بالأمر، فسمع رجلاً يناجي امرأته، ففتح عينيه فسألهما: "ماذا تقولان؟ فقالا: خير، فقال: إن شيئاً تُسِرَّانه دوني ما هو بخير! قال: قتل الرجل يعني عثمان قال: فاسترجع حذيفة ثم قال: اللهم إني كنت من هذا الأمر بمعزل، فإن كان خيراً فهو لمن حضره وأنا منه بريء، وإن كان شراً فهو لمن حضره وأنا منه بريء، اليوم نفرت القلوب بأنفارها، الحمد لله الذي سبق بي الفتن قادتها وعلوجها، الحظي من تردى بعيره، فشبع شحماً وقلَّ عمله"(. 4- رأى التابعي الجليل أبو مسلم الخولاني - رحمه الله تعالى -الوفد الذين قدموا من قتلة عثمان سألهم فقال: "أما مررتم ببلاد ثمود؟ قالوا: نعم، قال: أشهد أنكم مثلهم؛ لخليفة الله أكرم عليه من ناقته"(9). 5- قال أبو موسى الأشعري - رضي الله عنه -: "لو كان قتل عثمان هدى لاحتلبت به الأمة لبناً، ولكنه كان ضلالاً، فاحتلبت به الأمة دماً"(10). إن هذه الأقوال المتظافرة من الصحابة وكبار التابعين في فتنة مقتل عثمان لتدل على فهم سلفنا الصالح للواقع مع فقههم للنصوص، وتثبت أنهم - رضي الله عنهم - كانوا يدركون حجم الفتنة، وآثارها السيئة في الأمة، وأن دم عثمان - رضي الله عنه - الذي أهريق ظلماً وعدواناً ستتبعه دماء كثيرة لن يتوقف نزيفها إلا بخروج الدجال؛ فوقع الأمر كذلك في القرون الماضية في كثير من الأمصار، ومنذ مقتل عثمان - رضي الله عنه - وفتن الدماء يأخذ بعضها برقاب بعض إلى يومنا هذا.
مصير قتلة عثمان: أما قتلة عثمان، فإن كثيراً منهم ندموا أشدَّ الندم، وما ظنوا أن الأمور ستبلغ ما بلغت، ولكن ما نَفْعُ ندمٍ بعد سفك دم، وإشعال نار فتنة، لا يملك من أشعلها إطفاءها؟!. ولما بلغ علياً - رضي الله عنه - أن قتَلَةَ عثمان ندموا تلا قول الله - تعالى -: كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر فلما كفر قال إني بريء منك إني أخاف الله رب العالمين " (11). وتلا سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - في حقهم قول الله - تعالى -: " قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا " الكهف: 104}(12). نعم والله! إنهم قد ظنوا أنهم أحسنوا صنعاً بقتله، وقد أساءوا أعظم الإساءة، ودعا سعد عليهم وهو مجاب الدعوة فقال: "اللهم أندمهم ثم خذهم"(13). فاستجاب الله - تعالى -دعاء سعد، فما مات أحد من قتلة عثمان إلا مقتولاً؛ كما أقسم على ذلك بعض السلف(14)، وبعضهم قتل شر قتِْلة بعد أن طُورِدوا وعُذِّبوا ومُثِّلَ ببعضهم. نسأل الله العفو والعافية، كما أسأله أن يحفظنا والمسلمين من مضلات الفتن، ونوازع الهوى، والتباس الحق بالباطل.
بين مقتل عثمان وواقعنا الحاضر: ما يحصل في بلاد المسلمين من اختلاف وفرقة، وتنازعٍ في الأقوال، وتراشقٍ بالتهم، وانتشارٍ للأهواء، وازدياد الفتن في وقت عصيب عسير ليستدعي التوبة الجماعية إلى الله - تعالى -، والتجرد من الأهواء، والتزام الكتاب والسنة، والنصح لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم، والسعي الحثيث إلى ما يجمع الكلمة، ويرأب الصدع، مع الاستفادة من التجارب السابقة في تاريخ المسلمين في مواجهة المحن، ومعالجة الفتن، واجتناب أخطائها، والتزام صوابها. ولو نظرنا في فتنة مقتل عثمان - رضي الله عنه - لوجدنا أن بدايتها كانت مجرد آراء في الاعتراض على سياسات معينة، ثم تفاقمت بفعل أعداءٍ ملأ الحقد قلوبهم، فاندسوا في صفوف الدهماء والرعاع، يؤلبونهم ويحرضونهم على الخروج على عثمان - رضي الله عنه -، كان على رأسهم: ابن السوداء (عبد الله بن سبأ اليهودي) الذي لقب بالموت الأسود، وأظهر الإسلام، وكان على رأس طلائع الخارجين على عثمان، ينفخ في نار الفتنة، ويقطع الطريق على أيِّ مبادرة لرد العدوان عن عثمان - رضي الله عنه -، ويُحَرِّض عامة الناس، ويضخم الأخطاء، ويتخذ الكذب والأباطيل والإشاعات سبيلاً إلى ما يريد؛حتى بلغ ما تمنى، وكان أخزاه الله - تعالى -من جملة من اقتحموا الدار على عثمان - رضي الله عنه -، وخنقه خنقاً شديداً(15). وسبب آخر لا يقل أهمية عن السبب الأول وهو أن مروان بن الحكم كان من خاصة عثمان - رضي الله عنه -، وأقام معه في الدار، ولما وقع الصلح في بدايات الفتنة بين عثمان والخارجين عليه بأن يلبي بعض مطالبهم، وكتب كتاباً بذلك؛ إخماداً للفتنة، وحقناً للدماء؛ اجتهد مروان من تلقاء نفسه، وافتات على ولي أمره، فكتب كتاباً ختمه بخاتم عثمان، ووجهه إلى أمير مصر يأمره بقتل الخوارج على عثمان وصلبهم، وتقطيع أيديهم وأرجلهم من خلاف، فاطلع الخارجون على عثمان على هذا الكتاب فثارت ثائرتهم، وعادوا مرة أخرى بعد أن سكنوا وتم الصلح، فحلف عثمان - رضي الله عنه - أنه ما كتب كتاباً ولا رضيه، فطلبوا منه أن يسلم مروان فأبى عثمان رضي الله عنه؛ خشية أن يقتلوه بسبب ذلك، ورأى عثمان أن اجتهاد مروان خاطيء ولكنه لا يوجب قتله، ولو استحق القتل فذلك لولي الأمر وليس للخوارج. فكان من أمر الله - تعالى -وقدره ما كان (16). وذكر بعض المحققين أن الكتاب زوّره الخوارج على عثمان، كما زوّروا كتباً على بقية الصحابة وأمهات المؤمنين رضي الله عن الجميع قال الحافظ ابن كثير - رحمه الله تعالى -: "وفي رواية أنهم طلبوا منه أن يعزل نوابه عن الأمصار ويولي عليهم من يريدون هم، وإن لم يعزل نفسه أن يسلم لهم مروان بن الحكم فيعاقبوه كما زوّر على عثمان كتابه إلى مصر، فخشي عثمان إن سلمه إليهم أن يقتلوه فيكون سبباً في قتل امريء مسلم، وما فعل من الأمر ما يستحق بسببه القتل" وقال في موضع آخر: "وقد ذكر ابن جرير في تاريخه بأسانيده: أن المصريين لما وجدوا ذلك الكتاب مع البريد إلى أمير مصر، فيه الأمر بقتل بعضهم وصلب بعضهم، وبقطع أيدي بعضهم وأرجلهم، وكان قد كتبه مروان بن الحكم على لسان عثمان؛ متأولاً قوله - تعالى -: " إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم " المائدة: 33}، وعنده أن هؤلاء الذين خرجوا على أمير المؤمنين عثمان رضى الله عنه من جملة المفسدين في الأرض، ولا شك أنهم كذلك، لكن لم يكن له أن يفتات على عثمان، ويكتب على لسانه بغير علمه، ويزوّر على خطه وخاتمه، ويبعث غلامه على بعيره بعد ما وقع الصلح بين عثمان وبين المصريين على تأمير محمد بن أبي بكر على مصر بخلاف ذلك كله؛ ولهذا لما وجدوا هذا الكتاب على خلاف ما وقع الاتفاق عليه، وظنوا أنه من عثمان؛ أعظموا ذلك مع ما هم مشتملون عليه من الشر، فرجعوا إلى المدينة فطافوا به على رؤوس الصحابة، وأعانهم على ذلك قوم آخرون، حتى ظن بعض الصحابة أن هذا عن أمر عثمان - رضي الله عنه -، فلما قيل لعثمان - رضي الله عنه - في أمر هذا الكتاب بحضرة جماعة من أعيان الصحابة وجمهور المصريين حلف بالله العظيم وهو الصادق البار الراشد أنه لم يكتب هذا الكتاب، ولا أملاه على من كتبه، ولا علم به، فقالوا: إن عليه خاتمك، فقال: إن الرجل قد يُزَّور على خطه وخاتمه، قالوا: فإنه مع غلامك وعلى جملك، فقال: والله لم أشعر بشيء من ذلك.. "(17). وكما افتات مروان على عثمان - رضي الله عنه - فإن كثيراً ممن يُسمون بالمثقفين والمفكرين والإعلاميين يفتاتون على ولاة الأمر، ويذكون نار الفتنة بالطعن في الدين، واتهام البرءاء، واختلاق أسباب للإرهاب ليست صحيحة، والتغافل عن الأسباب الحقيقية. إن أية فتنةٍ لا تستعر إلا بأبواقٍ حاقدةٍ تؤلِّبُ الناس، وتدفع الرعاع ليكونوا حطبها، وفي الأزمات والفتن يبرز ذوو المنافع الشخصية، والمطامع الدنيوية، وأصحاب الأهواء والأحقاد، ويتخذون من الفتنة مجالاً للكسب المادي، أو لتصفية حسابات شخصية، ولو كان ذلك على حساب دماء الناس وآلامهم، ولوسائل الاتصال الحديث من شبكة عالمية، وقنواتٍ فضائية، وصحفٍ ومجلات نصيب كبير في ذلك. إن على كل متحدث وكاتب أن يتقي الله - عز وجل - في قلمه ولسانه؛ فلا يروج الإشاعات، ولا يختلق الأكاذيب، ولا يرمي الأبرياء بتهم باطلة؛ لإثبات رأيه، أو نيل مراده من كسب مادي، أو تصفية حسابات شخصية، وليكن صادقاً في معالجته، مخلصاً في قوله وفعله، لا يريد إلا الإصلاح والنصح؛ فإن الشرَّ إن وقع عصف بالجميع. وعلى كل مسلم أن يَصْدُقَ في النصح لله - تعالى -، ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم، ولايفتات على ولاة أمره بقول أو فعل يظن فيه صلاحاً وهو عين الفساد، ولا سيما إذا كان من أهل الرأي والاستشارة. وما يقع في بلاد المسلمين من استحلالٍ للدماء المحرمة، وقتل الأبرياء، وبوجه أخص في منبع الرسالة، ومهبط الوحي ينتفع به الحاقدون الموتورون من الكفار والمنافقين، الذين يعجبهم اختلاط الأمر، واشتعال الفتن في بلاد المسلمين، وقد اتخذوا الإسلام سخرياً بالطعن في شريعته، واتهام أهله بأنهم متعطشون لسفك الدماء، وانتهاك الحرمات. نسأل الله - تعالى - اللطف والثبات، كما نسأله - تعالى -أن يحفظ بلادنا وبلاد المسلمين من كيد الكائدين، وشر الحاسدين.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ الهوامش: 1- أخرجه البخاري في الفتن باب الفتنة التي تموج كموج البحر (6683) ومسلم في الفتن وأشراط الساعة باب في الفتنة التي تموج كموج البحر(144) (2) أخرجه بهذا اللفظ ابن عساكر في تاريخه (39-447) ونقله عنه ابن كثير في البداية والنهاية (7-154) وهو في تاريخ الخلفاء للسيوطي(162) وجاء في مصنف ابن أبي شيبة عن حذيفة - رضي الله عنه - قال: "أول الفتن قتل عثمان، وآخرها الدجال" (7-264) وأخرجه عمر ابن شبه في أخبار المدينة (22102209) والفسوي في المعرفة والتاريخ(2-88). (3) البداية والنهاية (7-155). (4) أخرجه الحاكم وصححه على شرط الشيخين ووافقه الذهبي(3-95). (5) البداية والنهاية(7-156). (6) أخرجه ابن عساكر في تاريخه (39-491490) وهو في البداية والنهاية(7-156). وزيد بن صوحان هو ابن حجر بن الحارث ابن الهجرس العبدي أسلم في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -، واختلف في صحبته، قال ابن عبد البر في الاستيعاب (2-556555): "لا أعلم له عن النبي - صلى الله عليه وسلم - رواية وإنما يروي عن عمر وعلي" ثم نقل ابن عبد البر عن محمد بن السائب الكلبي أن زيداً أدرك النبي - صلى الله عليه وسلم - وصحبه، قال ابن عبد البر "ولا أعلم له صحبة ولكنه ممن أدرك النبي - صلى الله عليه وسلم - بسنة مسلماً" أه. وذكره ابن حبان في مشاهير التابعين بالكوفة في كتابه: مشاهير علماء الأمصار (745). وقال الذهبي في السير (3-525): "ذكروه في كتب معرفة الصحابة، ولا صحبة له لكنه أسلم في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم -.. "أ ه. وذكر ابن عساكر في تاريخه وفداً جاءوا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - معهم زيد بن صوحان وأثنى عليهم النبي - صلى الله عليه وسلم - (19-473) قال الحافظ في الإصابة (2-625) بعد أن أورد ذلك: "وعلى هذا فهو صحابي لا محالة" قلت: المشهور أنه أسلم في وقت النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يره. (7)أخرجه ابن عساكر في تاريخه (39-481) وهو في البداية والنهاية (7-156). ( أخرجه ابن عساكر (39-479) وهو في البداية والنهاية (7-154) والمعنى فيما يظهر لي: أي: ضعف بعيره عن المسير وعجز عن ذلك، كناية عن عدم سيره في الفتنة، واستعجاله إليها، والله أعلم